العلمانية .. جاهلية العصر الحديث
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين…..
أما بعد :
فإني اخترت الكتابة في هذا الموضوع لما أرى من أهمية الكتابة فيه لانتشار
هذه الفرقة في زماننا هذا، انتشر داؤها وفشى وبالها وإلى الله المشتكى ولا
حولا ولا قوة إلا بالله.
=====
مقدمه :-
======
في أجواءٍ
مِن العتامة الفِكريَّة، والقتامَةِ السلوكيَّة، كانتْ جزيرةُ العَرَب قبلَ
البعثة المحمديَّة تُعايش أحلك أيَّامها، جاهليَّة ضيِّقة، وعصبيَّة
بغيضة، وحياة أشْبَه بحياة الغاب، يَظلم فيها القويُّ العربيد، ويَضيع فيها
حقُّ المسكين والمرأة والوئيد، مُجون وفواحِش، وحروب طواحِن، وحياة
يَسودُها الفرديةُ والأنانيَّة، وتغيب عن قافلةِ الحضارة وركْب
الإنسانيَّة.
وفي هذا المستنقَع الجاهلي الآسِن، أنْعَم الله عليهم
بالأنوار الربَّانيَّة، والبعثة النبويَّة، والشريعة المصطفويَّة، فماجتْ
بجحافل الوثنيَّة الدنيا بأَسْرها، وأصابَهم مِن الدهش ما أطار عقولَها،
وقالوها صراحةً: ﴿ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا
لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [ص: 5]، فشرعوا يُنافِحون عن آلهتِهم المزعومة،
وعاداتهم المذمومة، ولا يَرقُبون في مؤمنٍ إلاًّ ولا ذِمَّة، ولا قَرابةً
ولا صُحْبة، حتى طالَ العهدُ بالمِحنة، وقضَى ربُّك أن تكونَ الهجرة؛
ليتميزَ معسكرُ الإيمان عن معسكرِ الخذلان، ويَصير للمسلمين كيانٌ متمايزٌ
عن قُوى الطغيان
منذ أن أصبح للإسلام دولة وشوكة بعد هجرة الرسول
إلى المدينة وهو يواجه المؤامرات والدسائس من قبل أعدائه الذين كرهوا نوره
وسئموا الحياة في ظل طهارته ، وعلى مدى تلك العصور لم تنقطع هذه المكائد
التي تدبر في الخفاء للنيل منه إلا أنه في العقود الأخيرة أخذ الأعداء
يسفرون عن وجوههم ويعلنون بصراحة بغضهم وحربهم ، وأضحى الإسلام أسيراً بين
مكر أعدائه وتخاذل أبنائه
صارت " الهوية الإسلامية" مناطَ الولاء و
البَراء، و مُرتِّبة الأولويات العقيدةُ الإسلاميَّة الصافية ذِروة
سنامِها، و اللُّغةُ العربية وعاء فِكرِها، وتراثُ الأمة نبراس تقدُّمِها
وعزِّها، وهذا الذي يُقرِّره المنظِّرون لأمر الهوية، حيث يقولون: أركان
الهوية ثلاثة (العقيدة، والتاريخ، واللُّغة)، والهويَّةالإسلامية لها كلُّ
مقوِّماتِ الهُوية الذاتية المستقلَّة، بحيث تَستغني تمامًا عن أي (لقاح)
أجْنبي عنها، فهي هُويَّة خَصْبة، تنبثِق عن عقيدةٍ صحيحة، وأصول ثابِتة
رَصينة، تَجمَع وتوحِّد تحتَلوائها جميعَ المنتمين إليها، وتَملِك رصيدًا
تاريخيًّاعملاقًا لا تَملِكه أمةٌ مِن الأمم، وتَتكلَّم لغةً عربيةً
واحدةً، وتشغل بقعةً جغرافيةً متَّصلة ومتشابكة وممتدَّة، وتحيَا لهدفٍ
واحد، هو "إعلاءُ كلمةِ الله، وتَعبيدُ العبادِلربِّهم، وتحريرُهم مِن
عبودية الأنداد"
عباد الله !
غير أنه يجب أن نذكر دائماً أن
الابتلاء مستمر، ومادة الشر باقية، وشياطين الإنس والجن مستمرون في ترويج
الضلال؛ حتى زخرفوه بكل صلة، وروجوا له بكل لسان وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا
شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً [الأنعام:112].
ومن الواجب أن نتتبع طرق الغي؛ بالتحذير منها، وكشف مراميها وأبعادها، وسد
السبل على دعاتها، حتى يكون المسلمون على بينة من ربهم، وبصيرة من سبيلهم،
ولا يضرهم انتحال المبطلين أو كيد الحاقدين.
ولقد شاعت في دنيا
المسلمين اليوم فلسفات وأنظمة خدعت الكثيرين منا ببريقها، وانتشرت شعارات
ومصطلحات أسرت عقول البعض واستحوذت على الأفكار، أرى ذلك كله داء دوي ونار
لو قدر لها أن تنتشر؛ لم تأت على شيء إلا جعلته كالرميم.
ومن تلك الأفكار الفكر الصليبي اللاديني، وهو ما يسمى بالعلمانية، التى تسربت إلى مجتمعات المسلمين.
ولعل أحد التحديات الخطيرة التي تواجه أهل السنة والجماعة في هذا العصر هي
إسقاط اللافتات الزائفة، وكشف المقولات الغامضة وفضح الشعارات الملبسة،
التي تتخفى وراءها العلمانية، التي تبث سمومها في عقول وقلوب أبناء هذه
الأمة.
لذا؛ فإني سأميط اللثام عن وجه هذه النحلة الضالة المضلة :
=====================================
فــ " العلمانية "
ترجمتها الصحيحة : اللادينية أو الدنيوية ، و هي دعوة إلى إقامة الحياة
على العلم الوضعي و العقل و مراعاة المصلحة بعيداً عن الدين و تعني في
جانبها السياسي بالذات اللا دينية في الحكم ، و هي اصطلاح لا صلة له بكلمه
العلم
فــ " العلمانية "
ظهرت في أوربا منذ القرن السابع عشر
وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر و
تركيا و لبنان و سوريا ثم تونس و لحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر
و قد اختيرت كلمه " العلمانية " لأنها اقل إثارة من كلمه لادينية .
فــ " العلمانية "
مدلول متفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة و حياة المجتمع و إبقاءه حبيساً
في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه و بين ربه فان سمح له
بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية و المراسم المتعلقة بالزواج و
الوفاة و نحوهما.
فــ " العلمانية "
تتفق مع الديانة النصرانية
في فصل الدين عن الدولة حيث لقيصر سلطة الدولة و لله سلطة الكنيسة أما
الاسلام فلا يعرف هذه الثنائية و المسلم كله لله وحياته كلها لله
قال تعالي
( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) سورة الأنعام : آية 162
فــ " العلمانية "
لليهود دور بارز في ترسيخ " العلمانية " و هم من بذروا اول بذورها و
منشأها و هم يعترفون بذلك و كل هذا من أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف
أمام اليهود حائلا بينهم و بين أمم الأرض و هم اول من نادوا بـ ( فصل الدين
عن الدوله )
فــ " العلمانية "
بفصل الدين عن الدوله تفتح المجال
للفردية و الطبقية و العنصرية و المذهبية و القومية و الحزبية و الطائفية و
من هنا ينشأ الصراع بين طوائف المجتمع ......
فــ " العلمانية " تفسح المجال لانتشار الالحاد و عدم الانتماء و الاغتراب و التفسخ و الفساد و الانحلال
فــ " العلمانية "
تجعلنا نفكر بعقلية الغرب فلا ندين العلاقات الحرة بين الجنسين و ندوس
على اخلاقيات المجتمع و نفتح الابواب على مصراعيها للممارسات الدنيئة و
تبيح الربا و يسعى كل انسان لاسعاد نفسة و لو على حساب غيرة .
فــ " العلمانية "
تقوم بتعميم نظرية ( العداء بين العلم و الدين ) لتشمل الدين الاسلامي
على الرغم أن الدين الاسلامي لم يقف موقف الكنيسة ضد الحياة و العلم حتى
كان الاسلام سباقاً إلى تطبيق المنهج التجريبي و نشر العلوم حيث لا تعارض
إطلاقاً بين الاسلام و بين حقائق العلم ، و لم يقم بينهما أي صراع كما حدث
في النصرانية فى اوروبا
إذا كان هناك عذر لوجود " العلمانية " في الغرب فليس هناك أي عذر لوجودها في بلاد المسلمين
فــ " العلمانية "
تنقل الينا امراض المجتمع الغربي من انكار الحساب في اليوم الاخر و من
ثم تسعى لان يعيش الانسان حياة متقلبة منطلقة من قيد الوازع الديني ،
مهيجة الغرائز الدنيوية كالطمع و المنفع و تنازع البقاء و يصبح صوت الضمير
عدما .
فــ " العلمانية "
تقوم فى مدارسنا بتكريس التعليم لدراسة
ظواهر الحياة الخاضعة للتجريب و المشاهدة و تهمل امور الغيب من ايمان با
لله و البعث و الثواب و العقاب و ينشا بذلك مجتمع غايته متاع الحياة و كل
لهو رخيص حتى صار ماده " التربيه الدينيه " خارج المجموع الكلي ..........
يا للعجب !!!
فــ " العلمانية "
هى احد فروع الماسونيه العالميه و قرر مؤتمر باريس سنة 1900م:
" إن هدف الماسونية هو تكوين جمهورية لا دينية عالمية"
وقد كانوا في البداية يتظاهرون بالعبارة " الدين لله والوطن للجميع " و قد
وجدوا أن العلمانية هي خير من يمكن الاستعانة بها على ذلك
فــ " العلمانية "
من وسائل انتشارها عن مناداتهم بالشعارات " الماسونيه " البراقة التي تجذب
السامع إليها مثل دعوة تحقيق الحرية و الإخاء و المساواة و العداله بحيث
يتصور الجاهل أنهم يريدون من ورائها تحقيق مصالح الناس و إنقاذهم من
العبودية و إشاعة الأخوة و المحبة بين أفراد كل المجتمعات و إشاعة المساواة
العادلة بين الجميع ليعيش الكل في أمن وسعادة هكذا ظاهر تلك الشعارات لكن
حقيقتها خلاف ذلك تماما فهي أشبه ما تكون بالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء
حتى إذا جاءه لم يجده شيئا .....
فــ " العلمانية "
من وسائلهم
تماما كوسائل الماسونيه و هى الاهتمام بالشباب و استدراجهم إلى صفوفهم
بمختلف المغريات مما كان له الأثر البارز في انتشارها بينهم عن طريق المال و
الوظائف و الجنس و الفن – كما يسمونه – و الرياضات و المشاهير من مختلف
اعمالهم اعلاميون صحفيون كتاب فنانون و شيوخ خانوا دينهم باستغلال الجماهير
العريضه التى تتبعهم و خلفهم و غيرها من وسائل الترفية ثم حشر من يتمكن
منهم في الدخول إلى الأحزاب السياسية والانغماس فيها
======================
" اعترافات موثقه " :-
----------------------
جاء في وثائق مؤتمر بلغراد الماسوني سنة 1911 م :
كانت ( المحافل الماسونية ) صاحبة الدور الأكبر في استقطاب المفكرين
والمثقفين و القادة إليها وتشكيلهم تشكيلا فكريا جديدا على المبادئ "
العلمانية "
و فى ذلك تقول الماسونية العالمية :-
إننا سوف نقوِّي
- نحن الماسون - حرية الضمير في الأفراد بكل ما أُوتينا من طاقة، وسوف
نُعلنها حربًا شعواءَ على العدو الحقيقي للبشرية الذي هو ( الدين )، وهكذا
سوف ننتصر على العقائد الباطلة وعلى أنصارها، ويجب ألا ننسى أننا - نحن
الماسونيين - أعداءٌ للأديان، وعلينا ألا نَأْلُو جهدًا في القضاء على
مظاهرهاعلينا أن نسمح بالانحلال في المجتمعات غير اليهودية فيعم الفساد
والكفر وتضعف الروابط المتينة التي تعتبر أهم مقومات الشعوب فيسهل علينا
السيطرة وتدمير الشعوب غير اليهودية والقضاء على الأخلاق والدين وإثارة
الفتن والحروب .....
....... ....... ....... ........ ....... ........
و لا يقف الماسون عند الانتصار على الدين و ( إزالته ) بل يجب إزالة (
الدولة ) أيضًا، و هم يقولون في ذلك كما جاء في مجلة أكاسيا الماسونية عام
1904م ما نصه :-
[ إن طريقتنا السياسية هي الحرب ضد الأديان وإيجاد حكومات علمانية ]
و في المجلة نفسها عام 1903 :-
[ إن النضال ضد الأديان لا يبلغ نهايته إلا بعد فصل الدين عن الدولة ]
وهنا يأتي دور القضاء على الدولة ( باسم العولمة ) وهم يقولون في ذلك : إن الموظفين الذين يخدمون الدولة بإخلاص هم أعداء الماسونية
من وجهة نظري الشخصيه عدوهم فى مصر هو ( قاده الجيش المصري حفظه الله ) للانه اكثر من يخدم الدوله .............
يقول المؤرِّخُ اليهوديُّ (برنارد لويس ) العراب الصهيوني صاحب مشروع التقسيم :
" الليبراليَّة، والفاشيَّة، والوطنيَّة، والقوميَّة، والشيوعيَّة،
والاشتراكيَّة - كلُّها أوروبية الأصلِ مهما أَقْلمَهَا وعدَّلها أتباعٌ في
الشرق الأوسط، والمنظَّماتُ الإسلامية هي الوحيدةُ التي تَنبعُ مِن تراب
المنطقة"
ويكفي أن نسجل هذه الكلمات " لكارل ماركس " كي نكون على
يقين من أن الشيوعية واليهودية وجهان لعملة واحدة حيث يقول [إن المشكلة
اليهودية لن تحل أبدا إلا بالتحويل الاشتراكي للعالم كله وإذابة الأديان
والقوميات في بوتقة الماركسية أو الاشتراكية العلمية أو التقدمية الثورية -
سمها ما شئت - ذلك أن المشكلة اليهودية قائمة تحت ضغط الاعتقاد القائل بأن
اليهود هم شعب الله المختار وبما أن التقدمية الثورية فكر وحركة وهدف تعمل
لإخضاع المجتمع البشري كله إلى (قيادة طليعية) اشتراكية ماركسية واحدة
ترتبط بها كل الحركات الماركسية في العالم فإن اليهود أصلح البشر بصفة
كونهم شعب الله المختار لاحتلال مركز القيادة الطليعية التي هي الاسم
العصري لعقيدة الشعب المختار]
هذه النصوص صريحة في التعريف بالعدو
الحقيقي الذي يقودها اليوم - بالسياسة والإعلام والاقتصاد - إلى الهاوية،
بادئًا ومُركِّزًا على هدْم الدين في النفوس، ثم هدْم الأسرة، ثم إباحة كل
ألوان الشذوذ باسم الحرية، ثم الإيقاع بين الحُكام والمحكومين.
و من
العجب العجاب ان الاخوان و موقفها من العلمانيه موقف ليس معادي بل انك لو
دققت فى مباديء جماعه الاخوان ستجدها تشمل على مباديء العلمانيه وهم لهم
تحالفات معهم و بأعتراف الاخوان انفسهم
يقول عمر التلمساني مرشد
الاخوان الذي ذهب إلى إقامة أول تحالف من نوعه بين الإخوان و "الوفد"
العلماني و عن كيفية التحالف مع حزب عرف موقفه العلماني
يقول التلمساني لمجله المستقبل، عدد: 367، السنة 8، 1/3/1984، ص: 31
( إن هناك فارقا واضحا بين العلمانية والالحاد، فالعلمانية ليست ضد
الدين، إنما تعطي للمتدين الحق في التعبير عن ذاته، أما الالحاد فهو موقف
خاص يؤدي إلى ملاحقة المتدينين و كنت زميلا للأستاذ فؤاد سراج الدين رئيس
"الوفد" في كلية الحقوق، وهو رجل صالح يصلي ويصوم، كما ان "حزب الوفد" لم
يؤذ الإخوان كما فعل غيره مثل الحزب السعدي )
انظروا كيف يبررون
فمقياسهم إذا هو معاملة الآخريين للإخوان و ليس الحكم بالإسلام و لا كون "حزب الوفد" حزبا علمانيا حكم بغير الإسلام زمنا.
وتجدر الملاحظة أن المرشد العام يمثل الإخوان وهو المتحدث الرسمي باسمهم
ليس على مستوى مصر فقط ولكن على مستوى التنظيم الدولي كله كما ينص على ذلك
القانون العام للإخوان المسلمين تنص المادة [9 ب] من القانون العام
للتنظيم الدولي المسمي بالقانون العام للإخوان المسلمين على أن المرشد
العام من مهامه، تمثيل الجماعة في كل الشئون والتحدث باسمها، راجع: عبد
الله النفيسي، الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية، أوراق في النقد الذاتي،
مكتبة مدبولي، القاهرة، 1410 هـ، 1989م، ص: 405
========================
فــ " العلمانية " يتضح مما سبق :-
دعوة ماسونيه إلى إقامة الحياة على أسس العلم الوضعي و العقل بعيدا عن
الدين الذي يتم فصلة عن الدولة وحياة المجتمع وحبسة في ضمير الفرد ولا يصرح
بالتعبير عنة الا في أضيق الحدود . وعلى ذلك فأن الذي يؤمن بالعلمانية
بديلا عن الدين و لا يقبل تحكيم
الدين في كل جوانب الحياة و لا يحرم ما
حرم الله و رسوله يعتبر مرتدا و لا ينتمي الى الإسلام . والواجب اقامة
الحجة علية و استتابتة حتى يدخل في حضيرة الإسلام و الا جرت علية أحكام
المرتدين المارقين في الحياة و بعد الوفاة .
إن العلمانية التي ولدت
وترعرعت في أحضان الجاهلية لهي كفر بواح لا خفاء فيه ولا ريب فيه ولا
التباس، ولكن الخفاء والريب والالتباس إنما يحدث عمداً من دعاة العلمانية
أنفسهم؛ لأنهم يعلمون أنه لا حياة ولا اهتداء بجاهليتهم في بلاد المسلمين؛
إلا من خلال هذا التخفي والتلبيس على جماهير المسلمين، وذلك من خلال
راياتهم الزائفة، التي تخفي حقيقة أمرهم وباطن دعوتهم عن المسلمين، وتلبس
على العامة أمر دينهم وعقيدتهم، بل وتحفزهم ضد إخوانهم الصادقين الداعين
بحقيقة هذا الصراع، المنبهين إلى خطرهم الداهم على الدين وأهله
عباد الله !
إن كل هذا العداء ليثير في النفس الدهشة من تلك السلبية التي تنتاب الأمة
الإسلامية تجاه هذا التخطيط الماكر فإننا في حاجة أولا لنبذ الخلافات
والأحقاد وغسل الصدور من الأنانية فكفانا فرقة وتشتت ثم ما أحوجنا بعد ذلك
لشحذ كل الهمم والطاقات لمعركة البناء الجاد والصادق ومقابلة هذا الكيد بما
يبطله ويدحضه وبالاستعانة بالله وحده يكون النصر والتمكين (وما النصر إلا
من عند الله العزيز الحكيم) آل عمران 126
إن المعارك والجبهات التي
تفتحها الفرق الضالة والمنتسبة لهذا الدين ضد أهل السنة والجماعة، وأخطرها
دائماً جبهة الرفض الباطنية، والتي تغذيها وتدعمها القوى والمعسكرات
الجاهلية العالمية؛ لتدمير أهل السنة والجماعة؛ باعتبارهم الخطر الحقيقي
والفعال ضد هذه القوى.
أقول: إن هذه المعارك وهذه القوى يجب ألا يتساهل و لا يتهاون معها أهل السنة والجماعـة،
إن حصونهم لازالت مهددة من داخلها، وإن القوى العلمانية المتكتلة ضدهم من
الداخل، والتي تصارعهم في معارك خفية حيناً وظاهرة أحياناً أخرى، هي التى
تمثل الآن جوهر الصراع القائم بين الإسلام والجاهلية في العصر الحديث.
و إن أخطر مراحل هذا الصراع هي مرحلة تعرية هذه القوى العلمانية القبيحة،
وفضحها أمام المسلمين؛ ليستبين لكل مسلم سبيل المجرمين الذين يحاولون
خداعهم وتلبيس أمر دينهم عليهم وهم لا يعلمون.
أما آن لأهل السنة والجماعة أن ينتبهوا لهذه الأخطار المحيطة بهم في الداخل والخارج والتي تهددهم في دنياهم وآخرتهم؟!
أما آن لهم أو لكثير منهم أن يتخلوا عن معاركهم القديمة وخلافاتهم
الجانبية والشكلية ليفرغوا طاقاتهم ويركزوا جهودهم لمواجهة هذه التحديات؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق